أخبار الأردن اقتصاديات دوليات وفيات برلمانيات أحزاب مجتمع وظائف للأردنيين مقالات أسرار ومجالس تبليغات قضائية مقالات مختارة جاهات واعراس الموقف شهادة مناسبات مستثمرون جامعات مغاربيات خليجيات دين اخبار خفيفة ثقافة رياضة سياحة الأسرة طقس اليوم

اختبار حقيقي للنظام الكهربائي


سلامة الدرعاوي

اختبار حقيقي للنظام الكهربائي

مدار الساعة (الغد الأردنية) ـ

في ظل موجة حر استثنائية التي شهدتها المملكة الأسبوع الماضي، واجه النظام الكهربائي الأردني اختبارا حقيقيا لقدراته التشغيلية والفنية، حيث سجل أعلى حمل أقصى في تاريخ الأردن بلغ 4810 ميغاواط، وهو رقم غير مسبوق يعكس حجم الضغط الكبير على الشبكة الوطنية. ورغم هذا التحدي الصعب، استطاعت شركات الكهرباء، وبتنسيق فاعل مع وزارة الطاقة والثروة المعدنية وهيئة تنظيم قطاع الطاقة والمعادن، الحفاظ على استدامة التيار الكهربائي في جميع مناطق المملكة دون تسجيل أي انقطاع عام، باستثناء بعض الانقطاعات الفردية والمحدودة التي تم التعامل معها بسرعة وكفاءة عالية.

النجاح الذي تحقق في هذا الظرف الجوي القاسي جاء نتيجة رفع الجاهزية الكاملة لشركات الكهرباء كافة، من شركة الكهرباء الوطنية، إلى شركة التوليد وشركات التوزيع الثلاث، التي عملت بتناغم وتنسيق مستمر مع غرفة الطوارئ المركزية في الهيئة ووزارة الطاقة، ما مكّن من مواجهة الارتفاع الحاد في الطلب على الكهرباء نتيجة ارتفاع درجات الحرارة بشكل غير معتاد. وقد تم تفعيل خطط الطوارئ التي وضعت مسبقًا وتمت مراجعتها من قبل هيئة تنظيم قطاع الطاقة، والتي تضمنت إجراءات احترازية واستباقية لضمان استمرارية الخدمة دون انقطاع.

ورغم أن الانقطاعات المحدودة التي حصلت في بعض المناطق تُعد طبيعية ومتوقعة في أي شبكة كهربائية متقدمة، خاصة في مثل هذه الظروف الجوية، إلا أن ما يُحسب لشركات الكهرباء هو سرعة الاستجابة والفورية في المعالجة، بفضل وجود فرق فنية مدربة ومجهزة تعمل على مدار الساعة، وغرف مراقبة وتحكم تتابع الحمل الكهربائي لحظة بلحظة، وتنفذ تدخلات فورية عند الحاجة.

ما يعزز أهمية هذا الإنجاز هو ما شهدته بعض الدول المجاورة من تعثر وفشل في تأمين التيار الكهربائي خلال ذات الموجة الحارة، حيث عانت مناطق واسعة من انقطاعات كبيرة وشاملة، ما سبب أزمات خدمية ومعيشية للسكان.

وفي المقابل، كان الأردن نموذجا للاستقرار والثبات في قطاع الكهرباء، وتمكن من تأمين الطاقة لجميع المشتركين في مختلف القطاعات والمناطق، دون أن يشعر المواطن بانقطاع أو ضعف في الخدمة، وهو ما يعكس قوة البنية التحتية الكهربائية الوطنية، وكفاءة التخطيط، وسرعة تنفيذ الإجراءات.

وقد بلغت الزيادة في الحمل الكهربائي خلال هذه الموجة الحارة حوالي 20 إلى 22 % مقارنة بعام 2024، وهي نسبة كبيرة في ظروف تشغيلية دقيقة، ومع ذلك استمرت الشبكة في العمل بكفاءة واستقرار، فالنظام الكهربائي الأردني يمتلك قدرة توليدية وشبكات ومحطات تحويل قادرة على تلبية الطلب.

وفي الجنوب ووادي الأردن والمنطقة الشرقية، حيث تتحمل شركة توزيع الكهرباء مسؤولية تزويد 70 % من مساحة المملكة، ورغم الظروف الجوية الاستثنائية التي شملت درجات حرارة قياسية وغبار وأمطار في بعض المناطق، لم تُسجل انقطاعات عامة، وتم التعامل مع أي أعطال فنية بسرعة وكفاءة، بفضل مركز المراقبة والتحكم الذي يتابع العمليات التشغيلية لحظة بلحظة.

وقد ساهمت العدادات الذكية التي وصلت نسبة تركيبها إلى 95 % في تلك المناطق، في تحسين القدرة على الرصد والمتابعة والتحكم، حيث تتيح إرسال إشعارات فورية للمشتركين عند تجاوز الأحمال المسموح بها، مما يُمكّن من ترشيد فوري وتجنب الأعطال، كما تم تأجيل كافة أعمال الصيانة المبرمجة، وحتى فصل التيار لأغراض التحصيل، حرصا على استقرار الخدمة خلال هذه الظروف الاستثنائية.

إن نجاح الأردن في الحفاظ على استمرارية التيار الكهربائي خلال موجة حر هي الأقسى منذ سنوات، يثبت أن المنظومة الكهربائية الوطنية قادرة على مواجهة التحديات، ويعكس كفاءة الأداء المؤسسي والتنسيق بين الجهات المختلفة، ويؤكد أن الجاهزية لم تكن مجرد استعداد نظري، بل ممارسة عملية ميدانية مشهودة.

وفي الوقت الذي عانت فيه بعض الدول المجاورة من انقطاع شامل للكهرباء، وقف الأردن ثابتا بفضل نظامه الكهربائي المتطور وإرادة العاملين في هذا القطاع الحيوي، الذين يستحقون كل الشكر والتقدير على عملهم في الميدان تحت درجات حرارة لامست الخمسين.

مدار الساعة (الغد الأردنية) ـ