أخبار الأردن اقتصاديات دوليات برلمانيات وفيات مجتمع وظائف للأردنيين أحزاب مقالات أسرار ومجالس تبليغات قضائية مقالات مختارة الموقف شهادة مناسبات مستثمرون جاهات واعراس جامعات مغاربيات خليجيات دين اخبار خفيفة ثقافة رياضة سياحة الأسرة طقس اليوم

خريسات يكتب: الحداثة وعدم القدرة على الانتظار


أ. فراس خريسات
داعية إسلامي

خريسات يكتب: الحداثة وعدم القدرة على الانتظار

أ. فراس خريسات
أ. فراس خريسات
داعية إسلامي
مدار الساعة ـ

زمن اللحظة الفورية

في عصر الهواتف الذكية والتطبيقات السريعة، لم يعد الإنسان قادرًا على الانتظار حتى دقيقة واحدة ، ضغطة زر كفيلة بأن توصلك إلى العالم، فلماذا تصبر على الطريق الطويل؟

غير أن هذه “الرفاهية” لم تأتِ بلا ثمن، فقد تحوّل الزمن من رفيق نتعلم معه الصبر إلى عائق ينبغي التخلص منه.

السرعة كإله جديد

الحداثة منحتنا سرعة غير مسبوقة، لكنها في المقابل نزعت منّا مهارة أساسية: القدرة على الترقّب. لم نعد نحتمل الحافلة التي تتأخر دقائق، ولا التحميل الذي يستغرق ثوانٍ، ولا حتى العلاقات الإنسانية التي تحتاج وقتًا لتنضج. أصبحنا نريد كل شيء فورًا: المعرفة، المشاعر، وحتى المعنى.

الانتظار زمن للتشكّل

لكن الانتظار ليس تعطيلًا كما يظنه العقل الحديث، بل هو زمن للتشكّل. في لحظات الانتظار تنضج التجارب، وتتكوّن الحكمة، وتنمو البذور في صمت حتى تصير ثمارًا. من دون الانتظار نفقد العمق، ونفقد معه القدرة على الشعور بقيمة ما نملك.

الإنسان المستهلك للحظة

لقد صنعت الحداثة إنسانًا يلهث وراء اللحظة الآنية، يبحث عن إشباع سريع ينتهي أسرع مما بدأ. ومع كل سرعة جديدة يزداد الفراغ الداخلي، وكأننا نركض خلف ظلّ لا يُمسك.

المصالحة مع الزمن

ربما حان الوقت أن نتصالح مع الزمن مجددًا، لا كخصمٍ يعيقنا، بل كمعلمٍ يمنحنا المعنى. أن نجرّب الانتظار عمدًا: نقرأ ببطء، نترك رسالة دون ردّ فوري، نزرع شجرة ونتعلم الصبر عليها. لأن القدرة على الانتظار ليست ترفًا قديمًا، بل هي سرّ استعادة إنسانيتنا في عالمٍ يبتلعها التسارع.

مدار الساعة ـ