إلى متى ستبقى الجامعات تُمارس دور المتفرج، منتظرة أن تنضج ثمار التفوق الرياضي والفني خارج أسوارها، ثم تسارع في انتقاء الأفضل بعد أن يصبحوا نجوماً في أنديتهم أو على مسارح المدارس والثقافة؟ إلى متى ستبقى بوصلتنا موجهة نحو استقطاب المتفوقين فقط بعد أن يثبتوا أنفسهم، بينما في قرى ومدن وبوادي الوطن مواهب طلابية نادرة لا تجد من ينتشلها من دائرة التهميش والإهمال؟
لقد أصبحنا نتابع مشهداً يتكرر كل عام؛ الجامعات تتسابق في من يعلن أولاً عن فتح باب التقدم للقبول على حساب التفوق الفني أو الرياضي، والهدف استقطاب لاعب بارز أو موهبة فنية لامعة، وكأننا لا نعرف بأن ذلك مشروع تنموي وطني شامل، وبدلاً أن نتحاور في تطوير البنية التحتية للمواهب، صرنا نتعارك حول من طرح إعلان التفوق الفني الرياضي أولاً، وكأن الإنجاز في السبق الإعلاني لا في عمق الفكرة وأصالة الرؤية.لماذا لا نقلب المعادلة؟ لماذا لا نبدأ من الجذور، ونفتح أبواب جامعاتنا أمام كل من يمتلك موهبة أو بذرة إبداع؟ في كل محافظة وبلدة وقرية هناك طاقات شابة تنتظر من يراها، من يمد لها اليد، لا من ينتظرها حتى تنضج وحدها. لأني أعلم أن القبول في هذه الطريقة لا يحكمه قبول موحد، وبالتناوب نعم، نحن نعرف أن هناك تعليمات ملزمة، ونعلم أن البيروقراطية أحيانًا تكون عائقًا، لكن ألم يحن الوقت لنقفز على هذا الواقع؟ ألم يحن الوقت لنطرح السؤال الجريء: من يضع هذه التعليمات؟ ومن يحق له أن يغيرها؟ إن لم تكن المؤسسات الأكاديمية قادرة على المبادرة والتجديد، فمن يكون إذًا؟بل أكثر من ذلك، لماذا لا ينزل مدربو الجامعات إلى الميدان الجامعي أو يتبعوا أية طريقة أخرى ليبحثوا بأنفسهم عن المواهب؟ لماذا لا تكون نواة المنتخبات الجامعية نابعة من عمل استباقي وجهد حقيقي في استقطاب الطاقات الشابة، لا من خلال أوراق تبين الإنجازات والموهبة إلى الجامعة؟ومسألة أخرى متكررة؛ لماذا نصرّ على خلق جدار غير مرئي من التوتر والتنافس السلبي بين لاعب النادي ولاعب الجامعة؟ هذا الانقسام الذي لا يخدم سوى الإرباك وإضعاف المواهب نفسها. في النهاية، الجميع يخسر: اللاعب يفقد فرص التطور الأكاديمي والرياضي معًا، الجامعة تفقد فرصة بناء فريق قوي يمثلها بفخر، والنادي يخسر لاعبًا قد يحقق له إنجازات كبيرة لو توفرت له البيئة الداعمة المناسبة . هذا الصراع المصطنع لا يعكس سوى قصورًا في الرؤية واستمرارًا لثقافة الانقسام التي لا مكان لها في عالم اليوم، حيث يجب أن يكون التعاون والتكامل هو الأساس لبناء جيل قادر على رفع راية وطنه في ميادين الإبداع والرياضة على حد سواء.
الهروط يكتب: التفوقان الرياضي والفني في الجامعات.. نحتاج لقلب المعادلة
مدار الساعة ـ