رغم الجهود المستمرة التي تبذلها الدولة الأردنية لتعزيز الحياة الحزبية، إلا أن المشهد السياسي ما زال يعاني من جمود واضح، خاصة في العلاقة بين الدولة والأحزاب. هذه الفجوة انعكست في ضعف قدرة الأحزاب على استقطاب الشباب، وغياب حضورها المؤثر في القضايا الوطنية الكبرى.
معظم الأحزاب تبدو بلا امتداد شبابي حقيقي، وتعاني من ترهل تنظيمي وعجز عن التجديد. الوجوه القيادية هي ذاتها منذ سنوات طويلة، والخطاب الحزبي لم يتطور، والمطالب ذاتها تتكرر في كل مؤتمر وبيان، ما أفقد الشعب الإحساس بوجود مشروع سياسي قادر على إحداث تغيير ملموس.هذا الضعف لا يظهر فقط في ملف الشباب، بل برز في تقصير الأحزاب بالرد على التصريحات الصهيونية الأخيرة التي مست الأردن. ففي الوقت الذي كان يُنتظر فيه موقف حزبي وطني حازم يترجم نبض الشارع ويدافع عن السيادة، اكتفى معظمها بالصمت أو بإصدار بيانات شكلية لا ترقى لحجم الحدث.الشباب الأردني، من جانبه، لا يخفي شعوره بالإحباط وفقدان الثقة في جدوى العمل الحزبي. إضافة إلى العوائق التشريعية والضغوط الاجتماعية، صنعت حاجزًا نفسيًا وثقافيًا بينه وبين الانخراط السياسي المنظم.ورغم ذلك، يمكن رصد بوادر تغيير إيجابية عبر برامج تمكين حزبي شبابي،لكن هذه الجهود لن تحقق أثرها ما لم تتحرك الأحزاب بجدية، وتعيد صياغة دورها كجسور حقيقية بين الناس ومراكز صنع القرار، لا كواجهات شكلية تبحث عن حضور إعلامي فقط.إن غياب الرؤية الواضحة، وضعف المبادرة، وصمت الأحزاب في اللحظات الوطنية الفاصلة، هي أسباب مباشرة لفقدان ثقة الشارع، خاصة الشباب. ولا يمكن استعادة هذه الثقة إلا بمواقف صادقة، وخطاب متجدد، وعمل سياسي يضع مصلحة الوطن فوق الحسابات الضيقة.
الزيود يكتب: البوصلة ضائعة بين الدولة والأحزاب
مدار الساعة ـ