لم تمضِ سوى أسابيع قليلة على تسلّم الدكتور صائب خريسات، الأكاديمي والمختص في الزراعة والمناخ، حقيبة وزارة الزراعة، حتى باغتته الطبيعة باختبار قاسٍ، موجة حرّ استثنائية أحرقت مساحة المناورة، ولم تمنحه ترف ترتيب الملفات أو التقاط الأنفاس، بل قذفته مباشرة إلى قلب الميدان، حيث يقف المزارعون على خط النار، بانتظار قرارات عاجلة تُبقي دورة الإنتاج حيّة وسط لهيب المناخ وغلاء تكاليف الزراعة.
ودفعته من لحظة توليه إلى امتحان مُبكر في صُلب شهاداته العلمية، حيث يتربّص المزارعون بخبر عاجل، وخطة طارئة تُبقي محصولهم يانعاً في وجه الشمس.فالأردن، الذي راكم خبرة العبور من أزمات الجفاف والتغيّر المناخي، مرورًا بتحديات الإغلاق الإقليمي وتعطّل سلاسل التوريد، صمد بفضل الرؤية الملكية المتبصّرة، ومتابعة جلالة الملك عبد الله الثاني الحثيثة للقطاع الزراعي، وإصراره على جعل صندوق المخاطر الزراعية مظلة حماية للمزارعين.لكن الوزير الجديد يواجه إرثًا مزدوجًا، إنجازات صعبة تحققت في الحقبة السابقة بجهود ميدانية وإدارة تفاعلية، وملفات مؤجلة تحتاج جرأة في القرار، من تحديث البنية التحتية الزراعية وتعظيم كفاءة استخدام المياه، إلى إعادة هيكلة صندوق المخاطر ليصبح أسرع وأكثر شمولية في التعويض، في وقتٍ تتصاعد فيه كلف المياه والطاقة ومدخلات الإنتاج، وترتفع الضريبة على كبار المزارعين، بينما يمكث صغار المزارعين في غرفة الإنعاش يتنفسون الصعداء.ورغم قسوة الظروف، تصدّر القطاع الزراعي نسب النمو الاقتصادي في الربع الأول من العام بنسبة 8.1%، مسجّلًا أعلى إسهام بين القطاعات، وهو رقم لا يُقرأ بمعزل عن الخطة الوطنية للزراعة المستدامة، التي وضعت لبناتها قيادة سابقة حولت التحديات إلى مؤشرات نمو.اليوم، يقف الوزير التكنوقراط أمام لحظة حاسمة، إما أن يترجم خبرته العلمية إلى قرارات ونتائج ميدانية تحمي الأمن الغذائي وتستكمل مسار البناء، أو يترك حرارة الأزمات تُذيب جمال البدايات، فالزراعة لا تنتظر، ومن يمسك دفتها الآن عليه أن يثبت أن الكفاءة الأكاديمية قادرة على الصمود أمام لهيب الواقع.
حتاملة تكتب: وزير الزراعة أمام مفترق صعب
مدار الساعة ـ