تداولت وسائل التواصل الاجتماعي فيلماً مصوراً قصيراً، لاطلاق حملة تحث الآباء الاردنيين على توعية اطفالهم تحت عنوان (وعِ ابنك لمستقبل وطنك)، وهذا جهد مقدر ومشكور ونحتاج اليه واكثر منه، غير ان القائمين على الحملة وقعوا في خطأ قاتل، عندما استهلوا الفيلم الذي يدعو إلى الحملة بطفل يتحدث عن العلاقة بين الاردن وفلسطين، بغير اللغة العربية، اللغة الام للاردنيين والعرب كلهم، واللغة التي لا تتقن الغالبية الساحقة من الاردنيين، وخاصة الاطفال منهم لغة غيرها.

غير ذلك فان اللغة هي قناة التواصل الرئيسة بين الناس، وغالبا ما تكون هي قناة التواصل والتوصيل الوحيدة، خاصة لتوصيل الأفكار والقيم والمفاهيم، وأولها مفاهيم المواطنة والانتماء والولاء؛ التي تسعى الحملة لبناء وعي أطفال الاردن بها. كما أن اللغة هي اساس الوعي ومداميكه التأسيسية الاولى المتينة.

واللغة هي المكون الاساس للهوية الوطنية لأي شعب من شعوب الارض. وهي ايضا الجسر الرئيس للترابط والتواصل بين أبناء القومية الواحدة، والمدماك الاول لوحدتهم ومنها قوميتنا العربية.

واللغة هي خزان الثقافة الوطنية والقومية، وما فيها من مفاهيم الوعي والوطنية والانتماء والولاء، وهي التي تحفظ الثراء الثقافي لكل شعب وأمة.

واللغة هي خزان تاريخ الشعب والأمة، لذلك كان أول مسارات الصراع الدائر حول فلسطين،بين أمتنا بين المشروع الصهيوني، وداعميه، هو مسار التاريخ، الذي يحاول الصهاينة تزويره، بل يذهبون الى ما هو ابعد من ذلك، فينكرون تاريخ الاردن ليقولوا انه ارض بلا شعب، ساعين لحل قضية فلسطين على حساب الاردن. ولذلك كانت هجمتهم على اللغة العربية في فلسطين، وتبديل كل مسمياتها العربية بالعبرية، وهي لغة ميتة احياها المشروع الصهيوني، لأن القائمين عليه يعلمون ان اللغة اهم رابط يربط الناس ويبني بينهم جسور التواصل والتفاهم والمفاهيم والقيم المشتركة.

كل هذه الحقائق فاتت من يتبنى حملة تدعو الآباء في الأردن لبناء وعي أطفالهم استهلها بلغة غير لغتهم، وهذا المدخل الخاطئ يزيد من اهمية المشروع الوطني للدفاع عن اللغة العربية، ومن مبررات استمراره.