تصريح وزير المياه بأن معظم السدود وصلت إلى الخط الأحمر هو جرس إنذار لا يمكن تجاهله. إنها حقيقة مريرة تؤكد أننا اليوم نواجه تهديدًا مباشرًا لأمننا المائي، الذي هو أساس أمننا الغذائي والاقتصادي. ولكن، قبل أن نتسابق لإيجاد حلول، يجب أن نسأل أنفسنا سؤالًا أهم: لماذا ننتظر دائمًا حتى تدق ساعة الخطر لنتحرك؟

هذا النمط من "رد الفعل" بدلاً من "الاستباقية" يثير الإحباط، وهو سمة غالبة في تعاملنا مع العديد من الأزمات. إن التخطيط للمستقبل ليس رفاهية، بل هو ضرورة قصوى. فبينما كانت التحديات المائية تلوح في الأفق منذ سنوات، كان تركيزنا ينصب على إدارة الأزمات اليومية قصيرة المدى، وتجاهل الحلول الجذرية التي تحتاج إلى رؤية استراتيجية بعيدة المدى.

إن الحلول لا يمكن أن تقتصر على دعوة المواطنين لترشيد الاستهلاك فقط، فهذا واجب على الجميع، لكنه لا يكفي. يجب أن نتبنى نهجًا شاملاً يجمع بين التكنولوجيا والتشريعات والوعي المجتمعي. نحتاج إلى الاستثمار الجدي في محطات تحلية المياه، وتطوير أنظمة معالجة مياه الصرف الصحي لاستخدامها في الري، واستغلال المياه الجوفية بشكل مستدام.

كما يجب علينا إعادة تقييم سياساتنا الزراعية. هل من المنطقي أن نستمر في زراعة محاصيل تستهلك كميات هائلة من المياه في بلد شحيح الموارد؟ يجب أن نتبنى تقنيات الري الحديثة، وندعم الزراعات التي تتكيف مع بيئتنا، ونركز على تحقيق الأمن الغذائي بدلاً من الكمية.

إن أزمة المياه ليست قضية موسمية، بل هي قضية وجودية تتطلب منا جميعاً مسؤولية حقيقية. إن إنقاذ سدودنا من الجفاف هو إنقاذ لمستقبلنا، والوقت ينفد بسرعة. فلنتعامل مع هذا التحدي بجدية تليق بخطورته، ولنبدأ بالحلول اليوم قبل أن يصبح الخط الأحمر هو واقعنا الوحيد.

حفظ الله الأردن والهاشمين.