أخبار الأردن اقتصاديات دوليات برلمانيات وفيات مجتمع وظائف للأردنيين أحزاب مقالات أسرار ومجالس مقالات مختارة تبليغات قضائية مناسبات مستثمرون جاهات واعراس الموقف شهادة جامعات دين مغاربيات خليجيات اخبار خفيفة ثقافة رياضة سياحة الأسرة طقس اليوم

منسي يكتب: حكومات المستقبل في الأردن.. من الإدارة التقليدية إلى الابتكار التشاركي


وائل منسي

منسي يكتب: حكومات المستقبل في الأردن.. من الإدارة التقليدية إلى الابتكار التشاركي

مدار الساعة ـ

لم يعد من الممكن للحكومات أن تكتفي بأساليب الإدارة التقليدية.

وحكومات المستقبل تقوم على الشراكة الحقيقية مع المواطنين، والاعتماد على البيانات الضخمة، وتبني الابتكار كجزء من ثقافتها المؤسسية.

وفي الأردن، فإن الانتقال إلى هذا النموذج يتطلب رؤية شاملة تتكامل فيها المواطنة الفاعلة، والمشاريع المحفزة بالأداء، والبنية التحتية المرنة، مع حكومة تلعب دور المحرك للتغيير، ومنظومة خدمات تعاونية، وخدمات قائمة على الرؤية المتعمقة.

أولى ركائز هذا التحول هي المواطنة الفاعلة، حيث يصبح المواطن شريكاً في صياغة السياسات العامة، لا مجرد متلقٍ لها. وهذا يتحقق من خلال منصات رقمية مفتوحة تسمح بتقديم المقترحات والملاحظات، مع ضمان الشفافية في عرض نتائج المشاورات وأثرها على القرارات.

مثل هذا النهج يرفع الثقة بين المجتمع ومؤسساته، ويعزز شعور الانتماء والمساءلة.

إلى جانب ذلك، يأتي دور المشاريع وقوى العمل التي يحركها الأداء، حيث تتبنى الحكومة الحوافز المناسبة وتوفر البنية التقنية اللازمة لرواد الأعمال وأصحاب المشاريع للنمو والازدهار.

ودعم الشركات الناشئة والمشاريع الصغيرة والمتوسطة، وتوفير خدمات حكومية ذكية وفوق ذكية، يمكن أن يحرك عجلة الاقتصاد المعرفي ويخلق فرص عمل نوعية، ويحد من الاعتماد على القطاعات التقليدية.

لكن النجاح في هذا المسار يتطلب بنية تحتية قوية تتسم بالمرونة، قادرة على التكيف مع التطورات المتسارعة.

في السياق الأردني، يشمل ذلك نشر الإنترنت عالي السرعة في جميع المحافظات، وتبني تشريعات لحماية البيانات الشخصية، وتسهيل الابتكار عبر منصات مفتوحة تتيح للمؤسسات الحكومية والخاصة تطوير حلول سريعة وآمنة للتحديات الطارئة.

والحكومة في هذا النموذج تصبح عاملاً رئيسياً للتغيير، تتخلى عن البيروقراطية الجامدة، وتتبنى منهجية الاختبار والتجريب قبل التعميم. وإنشاء وحدات ابتكار حكومي داخل الوزارات لتطوير خدمات جديدة وتجربة نماذج عمل مختلفة يمكن أن يرفع جودة الخدمات العامة، ويزيد رضا المواطنين، ويحقق كفاءة في استخدام الموارد.

كما أن بناء منظومة خدمات تعاونية بين القطاع العام والخاص والمجتمع المدني يعد محوراً أساسياً في حكومات المستقبل. التعاون مع الجامعات، والمراكز البحثية، والشركات الناشئة، يفتح المجال أمام حلول مبتكرة لقضايا حيوية مثل إدارة المياه والطاقة، ويضمن استفادة المجتمع من تنوع الخبرات والموارد.

وأخيراً، تصبح الخدمات المعتمدة على الرؤية المتعمقة أداة استراتيجية في التخطيط وصناعة القرار، من خلال الاستفادة من البيانات الضخمة والتحليلات المتقدمة، يمكن التنبؤ بالاحتياجات المستقبلية للمجتمع، وتخصيص الموارد بكفاءة، وتحسين الاستجابة للأزمات.

في الأردن، يمكن لهذا النهج أن يحدث فرقاً كبيراً في التخطيط للتنمية المستدامة وتوزيع الخدمات بعدالة.

إن حكومات المستقبل ليست حلماً بعيد المنال، بل هي استحقاق يفرضه الواقع الجديد. وفي الأردن، فإن تبني هذا النموذج يعني الانتقال من الإدارة الموجهة من الأعلى إلى الإدارة التشاركية القائمة على الابتكار والبيانات، حيث يصبح المواطن شريكاً، والبيانات مورداً استراتيجياً، والابتكار ثقافة عمل يومية.

هذا التحول هو الطريق نحو حكومة أكثر ذكاءً، ومجتمع أكثر تمكيناً، ومستقبل أكثر استدامة ضمن مبادئ اقتصاد السوق الاجتماعي.

مدار الساعة ـ