التعديل الوزاري الأخير في حكومة الدكتور جعفر حسان لا يبدو مجرد إعادة ترتيب للمقاعد، بل يحمل إشارات واضحة إلى نمط حكم مختلف، يرتكز على التخصص والكفاءة، لا على التوازنات التقليدية.
غالبية الداخلين الجدد إلى الفريق الوزاري هم من أصحاب الخلفيات الأكاديمية أو المهنية المتخصصة. وزراء في الزراعة، الصحة، السياحة، الاستثمار، والنقل… جميعهم يمتلكون تراكمًا معرفيًا في حقولهم. وهذا توجه لافت يشير إلى أن الحكومة تسعى إلى ترجمة الخطط إلى إنجازات، لا إلى تكرار الخطابات أو استرضاء القوى.وما يزيد هذا الاتجاه وضوحًا هو غياب التمثيل السياسي التقليدي، وضعف المؤشرات على محاصصات مناطقية أو مجاملات حزبية. فالتعديل يُشبه في صيغته هندسة فريق عمل تنفيذي أكثر منه تلبية لضغوط أو توازنات.هذا التوجه التكنوقراطي يُقرأ كخطوة جادة من الرئيس حسان لتثبيت فلسفة “الحكومة المنتجة”، لكنّه في الوقت نفسه يطرح تساؤلات لا بد من مواجهتها مبكرًا:هل تكفي الخبرة الفنية لإحداث اختراق في ملفات عميقة التعقيد؟وهل سينجح الوزراء الجدد، رغم كفاءتهم، في مقاومة الجمود البيروقراطي وسرعة الإحباط؟من ناحية ثانية، يمكن القول إن هذا التعديل يعكس مرحلة انتقالية من التخطيط إلى التنفيذ، خاصة أن الملفات التي نالها التغيير تُعد من أكثر القضايا إلحاحًا لدى المواطن الأردني، كالصحة، والنقل، والزراعة.الرهان اليوم ليس فقط على من تم اختيارهم، بل على ما سيتاح لهم من صلاحيات، ودعم سياسي، ومساحة فعل حقيقية. فالمواطن لم يعُد يقيس الأداء بالألقاب أو السير الذاتية، بل بالنتائج والملموس.وفي ضوء هذا المشهد، يمكن وصف التعديل بأنه خطوة ناضجة في الشكل، جريئة في المضمون، لكنها بحاجة إلى تسريع الإيقاع، ومصارحة الناس، وتقديم نموذج جديد في الأداء العام.وإلا، فإن أي تعديل – مهما حسُنت نواياه – سيظل مجرد حركة داخلية في دفتر حكومي لا يقرأه الناس إلا حين يلامس واقعهم.
منصور يكتب: حكومة الخبراء.. تعديل يرسّخ التكنوقراط ويعد بمرحلة تنفيذية
مدار الساعة ـ