مدار الساعة-في مشهد كوني نادر التقطته تلسكوبات وكالة الفضاء الأمريكية (ناسا)، استيقظ الثقب الأسود بعد ملايين السنين من السكون، ليقوم بتمزيق نجم قريب وابتلاعه على نحو مروّع. الحدث، الذي وقع في مجرة بعيدة تبعد نحو 450 مليون سنة ضوئية عن الأرض، أطلق توهجًا ساطعًا من الأشعة السينية، ما أثار دهشة العلماء ودفعهم إلى الاعتقاد بأنهم قد يكونون أمام أول دليل فعلي على وجود ثقب أسود متوسط الكتلة — وهو لغز حيّر المجتمع العلمي لعقود.
وأكدت وكالة الفضاء الأمريكية "ناسا" أن الثقب الأسود قد خرج من حالة سكون استمرت ملايين السنين، ليقوم بابتلاع نجم قريب، ما تسبب في انبعاث توهج ضوئي هائل رُصد على بُعد نحو 450 مليون سنة ضوئية من كوكب الأرض.
ويعد هذا الحدث من أبرز الظواهر الكونية التي شغلت علماء الفلك مؤخرًا، حيث يشير إلى احتمال وجود نوع نادر من الثقوب السوداء يُعرف بـ"الثقب الأسود متوسط الكتلة"، وهي الحلقة المفقودة التي لطالما سعى العلماء لاكتشافها.
ظاهرة نادرة… وتوهج غير مسبوق
كان الثقب قد تم رصده لأول مرة عام 2009 عبر انبعاثات قوية من الأشعة السينية. وفي عام 2012، ازداد سطوع هذه الأشعة بمعدل يفوق مئة مرة، قبل أن يتراجع تدريجيًا بحلول عام 2023، مما أثار تساؤلات حول طبيعة هذا الجسم الغامض.
وبحسب تحليل فريق بحثي يقوده العالم يي تشي تشانغ، فإن مستوى الطاقة المنبعثة يشير إلى أن كتلة الثقب تتراوح بين 1000 و10,000 ضعف كتلة الشمس، وهو ما يستبعد أن يكون ثقبًا أسود صغيرًا أو هائلًا، ويرجّح كونه من النوع المتوسط.
نظريتان لتفسير الحدث
رغم أن البيانات الحالية لا تكشف بدقة عن مجريات الحدث، فإن العلماء يقدمون فرضيتين رئيسيتين لتفسير ما وقع:
1. أن الثقب ابتلع نجمًا بأكمله دفعة واحدة، ما أدى إلى الوهج الكثيف الذي تم رصده.
2. أن النجم كان في مدار حول الثقب الأسود، وكان يفقد جزءًا من كتلته مع كل دورة يقترب فيها من جاذبية الثقب ، ما أدى إلى توهجات دورية.
وصرّح عالم الفلك روبرتو سوريا قائلاً: "علينا الاستمرار في مراقبة الثقب خلال الفترة المقبلة. فإما أن يشهد توهجات متكررة، أو أن يكون هذا الحدث ذروته الوحيدة قبل أن يخفت نهائيًا."
أهمية الاكتشاف
تُعد الثقوب السوداء من أكثر الظواهر غموضًا في الكون، وتنقسم عادة إلى نوعين معروفين: ثقوب نجمية صغيرة (حتى 100 كتلة شمسية) و ثقوب هائلة الكتلة (بملايين أو مليارات الكتل الشمسية).
غير أن العلماء طالما افترضوا وجود نوع ثالث متوسط الحجم، إلا أن رصد مثل هذه الحالات ظلّ نادرًا جدًا.
إذا تأكد أن الثقب ينتمي لهذا النوع، فسيكون ذلك إنجازًا علميًا بالغ الأهمية، يُسهم في فهم كيفية تشكّل الثقوب السوداء الهائلة، ويملأ فجوة رئيسية في النموذج الكوني لتطور المجرات.
يبقى على العلماء مواصلة مراقبة الثقب وتحليل التوهجات المستقبلية لتأكيد طبيعته، إذ أن فهم هذا الجسم الكوني النادر قد يغير الكثير مما نعرفه عن تطور الكون والبُنى الفلكية الكبرى.
مشهد كوني نادر يهز الفضاء.. ثقب أسود يمزق نجماً ويبتلعه

مدار الساعة ـ