أخبار الأردن اقتصاديات دوليات وفيات برلمانيات مجتمع وظائف للأردنيين أحزاب مقالات أسرار ومجالس مقالات مختارة تبليغات قضائية مناسبات مستثمرون جاهات واعراس الموقف شهادة جامعات دين مغاربيات خليجيات اخبار خفيفة ثقافة رياضة سياحة الأسرة طقس اليوم
مدار الساعة (الغد الأردنية) ـ

آن الأوان للداخل الأردني أن يُدرك معادلة الإقليم بتعقيداتها وتحدياتها، وأن يعي أن الأردن لا يعيش في كنف رفاهٍ اقتصادي وسياسي، مطلق كما يتصوره بعض المواطنين في تعاملهم مع الدولة.

إن الواقع يفرض علينا فهماً أعمق لطبيعة موقع الأردن الجيوسياسي، فالمملكة ليست دولة نفطية، ولا تملك فوائض مالية ضخمة، بل تعتمد على كفاءتها السياسية وعلاقاتها الخارجية، ومتانة مؤسساتها، وتماسك جبهتها الداخلية. وهذا يتطلب من المواطن أن يُعيد تفكيره في طريقة تعاطيه مع الدولة، ليس على أساس مطالب ظرفية آنية، بل وفق وعيٍ استراتيجي يُدرك حجم التحديات والتهديدات المحدقة بنا.

نُدرك جميعاً أن هناك تحديات عديدة واجهت الحكومات الأردنية المتعاقبة، في ملفات اقتصادية واجتماعية وتنموية وحتى سياسية، إلا أن لحظة التقييم يجب أن تكون قائمة على الوعي لا على الانفعال. ففي ظل المتغيرات المتسارعة في الإقليم، والطموحات المتنامية لبعض القوى الدولية والإقليمية، وتبدّل خريطة التحالفات، فإن الأردن بات مهدداً، سواء من غربه حيث الصراع المحتدم في فلسطين المحتلة، أو من شرقه في ظل هشاشة الأوضاع في الجوار، أو من بعض الأطماع التي لا تستثني حتى الأشقاء.

من هنا، فإن مسؤوليتنا الوطنية تقتضي أن نُحكّم العقل، وأن نتمسّك بثوابت الدولة الأردنية ومؤسساتها، وأن نُعلي من قيمة الانتماء الوطني، ونعزز الجبهة الداخلية بوصفها خط الدفاع الأول عن الوطن.

لقد التزم الأردن منذ نشأته بنهجٍ عروبيٍ أصيل، وكان دائماً حاضناً لقضايا أمّته ومدافعاً عنها، حتى وإن كلّفه ذلك من استقراره أو اقتصاده. ففي القضية الفلسطينية، لم يكن الأردن يوماً إلا إلى جانب الأشقاء، ودفع ثمناً باهظاً من موارده ومكانته في سبيل دعم الحق الفلسطيني، ولم يُقصر يوماً في تقديم الدعم السياسي والدبلوماسي والإنساني، سواء في الضفة الغربية أو قطاع غزة، من إرسال القوافل والمساعدات، إلى بناء المستشفيات الميدانية، والتواجد الدائم في المحافل الدولية دفاعاً عن القضية.

ولم يتوقف الدعم الأردني عند حدود فلسطين، بل امتد إلى ليبيا واليمن والعراق وسورية، وحتى خارج منظومة الدول العربية. فحين اختار الشعب السوري حكما جديداً، انحاز الأردن لخياراته، وعمل وما يزال يعمل على الحفاظ على وحدة الدولة السورية ومنع تمزيقها، كما لم يتأخر في محاولة إعادة العراق إلى عمقه العربي.

إن النهج الأردني، شعباً ومؤسسات، قائم على فكر قومي عروبي ثابت. ومن هذا المنطلق، فإن المحافظة على الاستقرار الوطني ليست فقط ضرورة أمنية، بل واجب سياسي وأخلاقي لضمان بقاء الأردن قوة إسناد حقيقية لأشقائه، وصوتاً عاقلاً وسط ضجيج المنطقة.

على الذهنية الأردنية، اليوم أكثر من أي وقت مضى، أن تعي أن بقاء الأردن مستقراً وقوياً هو صمام الأمان الأخير في إقليم يضج بالتحولات والانهيارات. ولا سبيل لذلك إلا بتماسك الداخل، والالتفاف حول مؤسسات الدولة، والثقة بقيادتها، والعمل معاً على حماية الوطن وصون مستقبله.

مدار الساعة (الغد الأردنية) ـ