أخبار الأردن اقتصاديات دوليات برلمانيات وفيات مجتمع وظائف للأردنيين أحزاب مقالات أسرار ومجالس تبليغات قضائية مقالات مختارة مناسبات مستثمرون جاهات واعراس الموقف شهادة جامعات دين مغاربيات خليجيات اخبار خفيفة ثقافة رياضة سياحة الأسرة طقس اليوم

الاستقلال: ذاكرة وطن ومسيرة شباب


د. سيف الجنيدي

الاستقلال: ذاكرة وطن ومسيرة شباب

مدار الساعة (الرأي الأردنية) ـ

الشباب هم من يقرّرون عنوان الغد وشكله، فهم أولى من توجّه لهم الكلمات اليوم بمناسبة عيد الاستقلال.

لكل شابٍ وشابةٍ على امتداد هذا الوطن الطهور، هل تساءلت يوماً عن معنى الاستقلال ودلالاته ومقتضياته؟ هل تفكّرت بسؤالٍ وجوديّ، كيف نحمي الاستقلال وتاريخه وتضحياته؟، وكيف نصون العهد؟ فالاستقلال ليس هبة الأجداد للأحفاد، بل أمانة في أعناقنا.
ثابتان أساسيان تتمحور حولهما فكرة هذا المقال، ويُشكّل هذان الثابتان دعوة للحوار مع الشباب حول فرصهم في النهوض بأمانة استكمال مسيرة البناء والتحديث والتطوير.
الثابت الأساسي الأول، هو أنّ الأردن قد سار نحو مئويته الثانية منتهجاً مشروع دولة للتحديث والتطوير الشامل؛ السياسي والاقتصادي والإداري، وهو مشروع عابر للحكومات والأشخاص، أوجده وحمل أمانة مسؤوليته جلالة الملك.
الثابت الثاني، هو أنّ ما يميّز مشروع التحديث الشامل أنّه مشروع وطنيّ ذاتيّ، يستشرف المستقبل، ويعتبر مسيرة تحوّل حقيقية، والعنوان الأبرز بأنّ عماده ومحوره الأساسي الشباب الكفؤ والمؤهل.
ما يجب أن يُقال لكلّ شاب وشابةٍ أردنيّة بأنّ الشباب أساس مشروع الدولة للتحديث بالمجالات الثلاثة، فالتحديث الإداريّ لمنظومة تطوير القطاع العام يرتكز على أسس ورؤية واضحة تحاكي المعايير المُثلى في التخطيط والإدارة واستثمار الموارد البشرية، ومن سيقطف ثمار هذا التحديث هم الشباب أصحاب الكفايات والمؤهلات، وممّن يمتلكون أدوات الإنجاز وعناصر المعرفة بمعايير اليوم لا الأمس.
لا يدرك حقيقة ورِفعة مشروع التحديث الإداريّ إلّا من انخرط في العمل العام، وأدرك واقعه التنظيميّ والعمليّ؛ فالتعيين وفق الدور التنافسي، والترفيع حتميّ بمرور الزمن المُكسب للموقع والمسمى، والترقية مقترنة بشكل أساسي بالأقدمية، والتسلسل الإداريّ قيد، وتقييم الأداء بلا معايير ضابطة، وهو ما أسهم نظام إدارة الموارد البشريّة رقم (33) لسنة 2022 وتعديلاته في تجاوزه الحياتيّ بالنسبة للجيل الشاب، ممّن هم على اعتاب الانخراط في العمل العام، ليضبط إيقاع حياة الموظف العام من جديد وفق معيار أوحد هو الكفاءة والجدارة ابتداءً من التعيين وطوال مسيرته في العمل العام.
أمّا مشروع التحديث السياسيّ، فالأردن يسير بُخطى ثابتة في سبيل ترسيخ التقاليد الديمقراطية وإتمام مرحلة التحوّل في إطار تشكيل البرلمان الحزبيّ البرامجيّ، وصولاً إلى الحكومات البرلمانيّة، فأين أنتم من كل هذا؟، وما هي خططكم المستقبليّة تجاهه؟، وأنتم تمتلكون ضمانات سياسيّة تتمثل بالإرادة السياسيّة العليا لجلالة الملك «وعهدي لهم ألا نسمح باغتيال أحلامهم في التحديث والتطوير»، وضماناتٍ تشريعيّة تكفل لكم حقوقكم الدستوريّة، وتحثّكم على واجباتكم تجاه الوطن؟
وبمقاربةٍ رقميّة حول ترشح الشباب للانتخابات النيابيّة للمجلس العشرين لسنة 2024، فقد كان ترشّح الشباب على صعيد القائمة الحزبيّة ضِعف ترشّحهم على القائمة المحليّة، إذ ترشّح (56) شاباً وشابةً ممّن هم دون سن (35) عاماً على القوائم المحليّة، بينما بلغ عدد المترشحين (107) مترشحين ومترشحة، فمساحة الترشح الشبابيّ جاءت بإطار جوهر عملية التحديث عبر القائمة العامة التي سيخصص لها ما لا يقل عن (65%) في انتخابات مجلس النواب الحادي والعشرين، ما يشكّل مساحةً حاضنة في تمكين تمثيلهم في البرلمان.
الوفاء للاستقلال ممارسةً تكون بالعمل الصادق المُتنزه عن الذاتية ومحورها، فالعمل للوطن رسالة كرامة وأمل. وينبغي على الشباب تحصين مناعتهم الذاتية تجاه أي أفكار سائدة ومتداولة تحدّ من طموحاتهم وإرادتهم أو تمس بالهوية الوطنيّة أو التماسك الاجتماعيّ، أو تحاول اختطاف أحلامهم نحو المستقبل.
لن يكون الطريق سهلاً، فالتحديات الشخصية الاقتصادية والاجتماعيّة قاسية ومتشعّبة، وفقدان بوصلة الأهداف الشخصية، هي مرحلة طبيعية ومحطة من الحياة كلّنا مررنا عنها، لكننا لم نتوقّف بها.

مدار الساعة (الرأي الأردنية) ـ