في زمن تتغير فيه القيم وتنقلب فيه الموازين، يبقى على الآباء دور عظيم في اختيار شريكة الحياة، لا فقط كزوجة، بل كأم لأبنائهم، وصانعة مستقبلهم، وراعية هويتهم ومبادئهم. فليست كل امرأة تصلح لأن تكون أمًا تُؤتمن على تربية جيل، يُرجى منه الخير والبناء.
"إن العِرق دساس"، حكمة قديمة لكنها خالدة، تحمل في طياتها دروسًا عميقة في أهمية الأصل والتربية والجذور. حين تختار شريكة حياتك، لا تنظر فقط إلى الجمال أو المال أو المظاهر الخادعة، بل فتش في أخلاقها، في انتمائها، في قيمها، في حبها لوطنك وولائها له، في هويتها التي ستصبغ بها أبناءك.
اختر امرأةً ترضع أبناءك حب الأردن، والانتماء له، لا من تنقل إليهم الكراهية والضغينة وتغرس في قلوبهم بذور العنصرية والحقد. فالوطن هو المأوى والهوية، وهوية الأبناء لا تُصان إلا بأم تعرف قدر الأرض التي يعيشون عليها، وتحمل في قلبها الولاء والانتماء.
ليست التربية دروسًا تُلقّن، بل سلوكًا يُحتذى، وما الأم إلا أول قدوة، وأقوى مدرسة، فإن كانت الأم تفتخر بهويتها الأردنية، وتعلم أبناءها حب الوطن والعمل لأجله، شبّ الأطفال على الولاء والبذل، أما إن كانت تحمل فكرًا ممزقًا، وتنتمي لغير الأرض التي تحتضنها، فسيتشتت الفكر، ويضعف الانتماء، ويتيه الأبناء في صراع الهويات.
لا يغركم حلاوة الكلام وظاهر الأمور، فإن الجوهر أصدق من المظهر، و"العِرق دساس"، كما يقول الأجداد، وما الأم إلا الزرّاعة الأولى للقيم، فإن صلحت، صلح النبت وازدهر، وإن فسدت، ضاع الحصاد.
ختامًا، اجعلوا هويتكم الأردنية خطًا أحمر لا يُساوم عليه، وانظروا لمستقبل أبنائكم بعيون الوعي والحكمة، فالأم ليست فقط من تلد، بل من تُنشئ، وتغرس، وتبني، وتزرع حب الأرض في القلب قبل أن ينطق .