مدار الساعة - كتب: محمد بسام القرالة - في الخامس والعشرين من أيار، لا نُحيي مجرد يوم في الروزنامة، بل نُجدّد عهدًا وطنيًا صنعه رجال وسارت على دربه أجيال، واستحقته الأرض التي اسمها الأردن. يوم الاستقلال ليس لحظة انعتاق من استعمار، بل لحظة وعي وولادة دولة حملت رسالتها منذ اللحظة الأولى: كرامة الإنسان، وسيادة القرار، وشموخ الهوية.
استقلالنا لم يُمنح… بل انتُزع بعزيمة، وصُنع بصبر، وثُبّت بالتضحيات. لم يكن خروجًا لقوةٍ أجنبية، بل دخولًا للأردن إلى صفحات التاريخ كدولة ذات سيادة، تحمل مشروعًا نهضويًا حرًا، وتؤمن أن العرش والوطن لا يُفصلان، وأن الشعب هو الركيزة والضمانة.
في يوم الاستقلال، لا نغني للماضي فقط، بل نحاكم أنفسنا: هل كنا على قدر الحلم؟ هل صُنّا تضحيات من مضوا؟ هل حافظنا على بوصلة الوطن وسط هذا الإقليم العاصف؟ الاستقلال لا يُقاس بالاحتفالات، بل بالمواقف، لا يُحفظ بالشعارات، بل بالفعل الوطني النظيف.
فمن الملك المؤسس إلى طلال ثم الحسين ثم عبدالله الثاني ، لم يتغير جوهر الحُكم: دولة تحمي، لا تُرهِب… وطن يبني، لا يهدم… قيادة تتقدّم الصف، لا تختبئ خلفه. ونحن أبناء هذا الوطن، مسؤوليتنا أن نكون على قدر هذا المجد، لا أن نكون مجرّد متفرّجين على تاريخه.
الاستقلال الحقيقي هو أن نصنع اقتصادًا يحمي الكادحين، لا يُكافئ المتنفّعين، وأن نبني إعلامًا يقول الحقيقة، لا يزيّن الوهم، وأن نزرع في مؤسساتنا الأمانة بدل المجاملة، وأن نُعلّم أبناءنا أن الوطن لا يُختزل بالحدود فقط، بل بالقيم والرجال والموقف.
في عيد الاستقلال، نكتب للأردن عهدًا جديدًا: أن نبقى السدّ المنيع، والحاضنة الوفية، والخندق الأول في وجه كل طامع. هذا وطن لا يُؤجر، ولا يُستعار، وهذه راية لا تُطوى، ولا تُهان.
كل عامٍ واستقلالنا وعدٌ نعيشه لا ذكرى نمرّ بها، وعهدٌ لا يُنسى، وموقف لا يُشترى
