-التوترات الجيوسياسية وتأثيرها على الطلب: تشكل النزاعات الدولية، مثل الحرب في أوكرانيا والاضطرابات في الشرق الأوسط، دافعًا رئيسيًا لشراء الذهب كـأصل آمن (Safe Asset). بالإضافة إلى ذلك، تثير التوترات بين القوى العظمى، مثل الولايات المتحدة والصين، مخاوف من تصعيد عسكري أو تجاري، مما يزيد من جاذبية الذهب كحافظة للقيمة خلال الأزمات.

-التضخم العالمي وتراجع ثقة العملات: مع استمرار معدلات التضخم (Inflation) مرتفعةً عالميًا، خاصةً بسبب السياسات النقدية التوسعية (Expansionary Monetary Policies) خلال جائحة كوفيد-19، يُستخدم الذهب كدرع ضد تآكل القوة الشرائية (Purchasing Power) للعملات الورقية. ففي حين تفقد العملات قيمتها، يحتفظ الذهب بقوته كوسيلة حفظ ثروة طويلة الأجل.

-تحوُّل استراتيجيات البنوك المركزية:

تسعى البنوك المركزية في دول مثل الصين وروسيا إلى تنويع احتياطياتها (Reserves) عبر شراء كميات كبيرة من الذهب، لتقليل الاعتماد على الدولار الأمريكي. كما أن ارتفاع أسعار الفائدة (Interest Rates) بشكل لا يتناسب مع التضخم يجعل العائد الحقيقي (Real Yield) على السندات منخفضًا أو سالبًا، مما يقلل من جاذبيتها مقارنة بالذهب.

-ضعف الدولار الأمريكي( الفرص والتحديات): أي تراجع متوقع في قيمة الدولار، ولو كان مؤقتًا، يجعل الذهب أكثر جذبًا للمستثمرين الذين يتعاملون بعملات أخرى، إذ ينخفض سعره بالنسبة لهم، مما يزيد الطلب العالمي.

-مخاطر الركود الاقتصادي العالمي: تزايد علامات التباطؤ في النمو، خاصة في الاقتصادات الكبرى، يدفع المؤسسات المالية إلى تحويل استثماراتها نحو أصول أقل عُرضة للتقلبات، مثل الذهب، كجزء من استراتيجيات التحوط ضد الركود (Recession Hedge).

-عرض الذهب؛ بين تحديات الإنتاج والاستثمار: يواجه قطاع التعدين تحديات متنامية، مثل القيود البيئية وارتفاع تكاليف الاستخراج، بينما قلَّت استثمارات الشركات في تطوير المناجم خلال السنوات الماضية، مما يحد من المعروض مقابل الطلب المتصاعد.

-الطلب المتعدد الأوجه؛ من المجوهرات إلى التكنولوجيا: تشهد أسواق مثل الهند والصين طلبًا مرتفعًا على ذهب المجوهرات خلال المواسم الثقافية، بينما يزداد الاستخدام الصناعي في قطاعات مثل الإلكترونيات (Electronics) والطاقة المتجددة (Renewable Energy)، مما يضيف بعدًا آخر للطلب.

-سلوك المستثمرين؛ بين التحوط والمضاربة: تشهد صناديق الذهب المتداولة (ETFs) تدفقات رأسمالية كبيرة كجزء من استراتيجيات التحوط، بينما تؤدي المضاربة في العقود الآجلة (Futures Contracts) إلى تضخيم الاتجاه الصعودي للأسعار.

-عملات الأسواق الناشئة ومخاطر التضخم: في ظل انهيار قيمة عملات بعض الدول النامية، يلجأ الأفراد إلى الذهب كبديل عن العملات المحلية، مما يعزز الطلب الشعبي في هذه الأسواق.

-مخاطر الديون السيادية والبحث عن البدائل: مع ارتفاع مستويات الديون الحكومية (Sovereign Debt)، تتزايد الشكوك حول قدرة الحكومات على سداد التزاماتها، مما يدفع المستثمرين إلى استبدال السندات الحكومية بالذهب.

-التوقعات المستقبلية؛ بين السياسات النقدية وسلاسل التوريد: يتوقع المحللون تباطؤًا في رفع أسعار الفائدة أو حتى خفضها في بعض الاقتصادات، مما قد يضعف الدولار ويدعم الذهب. كما أن اضطرابات سلاسل التوريد العالمية (Global Supply Chains) تُطيل أمد الضغوط التضخمية، مما يعزز الحاجة إلى التحوط بالذهب.

خلاصة القول: لماذا يستمر الذهب في الصعود؟

تتفاعل العوامل السابقة،خاصةً (شراء البنوك المركزية، واستمرار التضخم، والتوترات الجيوسياسية) لتشكل بيئة مثالية لصعود الذهب. في ظل غياب مؤشرات على استقرار الاقتصاد العالمي، يظل الذهب الخيار الأمثل للمستثمرين الذين يسعون إلى تنويع المحفظة الاستثمارية (Portfolio Diversification) والحماية من تقلبات الأسواق. مع استمرار هذه الديناميكيات، من المرجح أن يحافظ المعدن الأصفر على بريقه كرمز للاستقرار المالي.