مدار الساعة - كتب: هاشم الزواهرة - يُعتبر الشباب الركيزة الأساسية التي تقوم عليها نهضة الأمم وتقدم المجتمعات. فهم طاقة متجددة، وأمل المستقبل، وأداة التغيير الفعّال إذا ما وُجهت قدراتهم نحو البناء والتنمية. ولكن، في ظل التحولات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية التي يشهدها العالم العربي، أصبح بعض الشباب ضحية استغلال من قبل جهات تسعى لتغذية الفتن، وزرع بذور الكراهية، ودفعهم نحو طريق الإرهاب والعنف.
وما يزيد الأمر خطورة، أن بعض الأحزاب والتيارات السياسية باتت تستغل حماسة الشباب واندفاعهم، وتحولهم إلى أدوات ووقود لمعاركها الخاصة. ترفع شعارات براقة، وتدّعي الدفاع عن القضايا الوطنية، بينما هي في الواقع تغذي الانقسامات، وتدفع نحو العنف والدمار من أجل تحقيق مصالح ضيقة أو أجندات خارجية. هذه الأحزاب لا ترى في الشباب طاقة وطنية يجب استثمارها، بل تراهم أدوات يمكن التضحية بها في سبيل نفوذ سياسي أو مكسب آني.
وهنا يأتي دور المجتمع بكل فئاته ومؤسساته، من الأسرة إلى المدرسة، ومن الإعلام إلى رجال الدين، للوقوف بوجه هذه المخططات. لا بد من رفع مستوى الوعي العام، وتحصين العقول، وتحذير الشباب من الوقوع فريسة لدعايات زائفة تسوّق الفتنة والخراب على أنها بطولة أو نضال.
إن اختطاف عقول الشباب وتجييشهم في معارك لا تخدم إلا أعداء الأوطان، يُعد جريمة مزدوجة: جريمة بحق الوطن الذي يخسر أفضل طاقاته، وجريمة بحق الشباب الذين يُزجّ بهم في أتون الصراعات وهم في عمر الزهور. من هنا تأتي الحاجة الماسّة إلى حماية عقولهم من فكر متطرف يسوّق الوهم باسم الدين أو العدالة أو الحرية، بينما هو في حقيقته باب للفوضى والدمار.
دور الدولة والمجتمع هنا أساسي. فالتعليم الهادف، والخطاب الديني المعتدل، والإعلام المسؤول، والتنشئة الاجتماعية السليمة، كلها أدوات يجب أن تتكاتف لتحصين الشباب من التيارات الهدامة. كما أن إشراكهم الحقيقي في الحياة العامة، وتمكينهم سياسياً واقتصادياً، يخلق شعوراً بالانتماء، ويجعلهم جزءاً من الحل، لا وقوداً للصراع.
إننا بحاجة إلى خطاب جديد يعزز روح الوطنية، ويُبرز النماذج الشبابية المشرّفة التي اختارت أن تكون أدوات بناء لا معاول هدم، وأن تكون صدى لصوت الوطن لا صدى لأجندات خارجية مشبوهة.
ختاماً، الحفاظ على الشباب هو الحفاظ على مستقبل الأمة. ولن يكون الشباب دروعاً للوطن، إلا إذا شعروا أن الوطن يحتضنهم، ويمنحهم الثقة، ويوفّر لهم الأمل في غد أفضل.