مدار الساعة - كتب: عضو البرلمان الشبابي هاشم عزات عقده - في قلب جرش، حيث تلتقي عبق الزيتون مع أصداء التاريخ، يحتفل الأردنيون بـ يوم العلم الأردني، ذلك الرمز الذي يجسد فخر الوطن ووحدته. في هذه المدينة القديمة التي تعانقها الأعمدة الرومانية الشامخة، يرفرف العلم الأردني عاليًا، حاملاً معه حب أهل جرش لأرضهم، لبلادهم، ولرايةٍ تحتضن أحلامهم وذكرياتهم.
يوم العلم في جرش ليس مجرد مناسبة، بل هو احتفالٌ بالجذور العميقة، وبالطموح الذي لا يعرف حدودًا. إنه وعد يتجدد مع كل نسمة تهب على تلالها بأن يبقى الأردن عزيزًا، شامخًا، وموحدًا تحت علمٍ هو أكثر من مجرد راية. إنه هوية وانتماء وراية كرامة.
في جرش، العلم الأردني ليس مجرد رمز يُرفع في المناسبات، بل هو جزءٌ لا يتجزأ من الحياة اليومية. في شوارع المدينة الضيقة، وعلى أبواب المدارس والمساجد، وفي الأسواق والمقاهي، تُرفع الراية باعتزاز، وتُلمس في العيون نظرات فخرٍ لا تخطئها العين. من بلدة برما الوادعة إلى مرتفعات ساكب الخضراء، ومن الكتّة إلى المصطبة، تتزيّن البيوت بأعلامٍ صغيرة ترفرف على الشرفات، كأنها تحكي قصة حبٍ لا تنتهي بين أهل جرش ووطنهم.
من خلال علم الأردن، يروي أهل جرش قصة أجدادهم الذين دافعوا عن مدينتهم منذ أيام الإمبراطوريات. الأحمر في العلم يذكّرهم بتضحيات هؤلاء الأجداد الذين واجهوا الغزاة بكل شجاعة. الأبيض يمثل نقاء القلوب الجرشية، الصافية كعيون أطفالها. الأسود هو رمز لصمود المدينة، التي واجهت الزلازل والتقلبات التاريخية دون أن تنحني. والأخضر هو لون الزيتون الذي يغطي جبالها، ويُجسد الانتماء العميق للأرض.
لأهل جرش صفحات مشرقة في سجل الوطن، فقد شاركوا في الثورة العربية الكبرى، واحتضنت المدينة الأحرار وكانت ملاذًا للجنود والثوار. اليوم، ما زال أحفاد أولئك الرجال الأوفياء يواصلون طريقهم، يزرعون المحبة، ويرفعون العلم بنفس الروح التي حملها أجدادهم.
في يوم العلم الأردني، تتجسد في جرش وحدة الوطن. ففي الأسواق، تتبادل التحايا والابتسامات، وفي المقاهي، يتشارك الشباب قصصهم عن الأردن. كما ينظّم متطوعون حملةً لتنظيف المدينة القديمة تحت شعار: "رايتنا نظيفة مثل قلوبنا." في المساجد والكنائس، تُرفع الدعوات بأن يحفظ الله الوطن، ويبارك في الراية التي تجمع الجميع تحت ظلّها.
في إحدى المدارس المحلية، أطلق التلاميذ مبادرة "علمي وزيتونتي"، حيث زرع كل طالب شتلة زيتون وغرس بجانبها علمًا أردنيًا صغيرًا، كرمزٍ للأمل والانتماء. قالت لين، وهي تزرع شتلتها: "هذا العلم يعني إني رح أحمي أرضي زي ما هي بتحميني." كلمات بسيطة، لكنها تختصر إحساس أهل جرش العميق: العلم هو الأرض، والأرض هي العلم.
من بين أعمدة جرش الشامخة، يبعث أهل المدينة رسالة إلى كل الأردن:
"رايتنا تجمعنا، وأرضنا فخرنا."
في يوم العلم الأردني، تظل جرش تتباهى بتاريخها العريق، وجذورها العميقة في أرضها، وفي قلبها حب لا يتوقف لوطنها. هو يومٌ يذكرنا بأن الوطن ليس فقط في الكلمات، بل في الأفعال، في التضحيات، وفي الروح المتجددة التي يحملها كل أردني في قلبه.