أخبار الأردن اقتصاديات دوليات وفيات برلمانيات مجتمع وظائف للأردنيين أحزاب مقالات أسرار ومجالس تبليغات قضائية مقالات مختارة مناسبات مستثمرون جاهات واعراس الموقف شهادة جامعات دين مغاربيات خليجيات ثقافة رياضة اخبار خفيفة سياحة الأسرة طقس اليوم

المهيرات تكتب: من ساحات العلم إلى مسارح الجريمة.. كيف نوقف العنف؟


الدكتورة المحاميه رنا محمد داوود المهيرات

المهيرات تكتب: من ساحات العلم إلى مسارح الجريمة.. كيف نوقف العنف؟

مدار الساعة ـ

في إحدى المدارس بلواء الرصيفة، وقعت حادثة مروعة هزّت المجتمع، حيث أقدم طالبان على سكب مادة مشتعلة على زميلهما وإضرام النار فيه، مما أدى إلى إصابته بحروق خطيرة. هذه الحادثة ليست مجرد حادثة فردية يمكن تجاوزها، بل هي مؤشر خطير على تفشي ظاهرة العنف المدرسي التي باتت تهدد سلامة الأطفال في بيئتهم التعليمية، حيث من المفترض أن تكون المدرسة مكانًا آمنًا للنمو والتعلم، لا ساحة للخوف والترهيب.

إن مثل هذه الحوادث تثير العديد من التساؤلات حول الأسباب التي تدفع الأطفال إلى العنف بهذه الصورة القاسية. العوامل التي تسهم في انتشار هذه الظاهرة كثيرة، من بينها التأثيرات الأسرية، حيث قد يتعرض الطفل للعنف في بيته فيمارسه على غيره، إضافةً إلى ضعف الدور التربوي داخل المدرسة، وغياب الرقابة على سلوكيات الطلاب، فضلًا عن تأثير وسائل الإعلام والألعاب الإلكترونية التي تعزز السلوك العدواني. كل هذه العوامل تتكامل لتنتج بيئة يصبح فيها العنف وسيلة للتعبير عن الغضب أو فرض السيطرة.
تأثير مثل هذه الحوادث لا يقتصر على الضحية فقط، بل يمتد ليشمل جميع طلاب المدرسة، حيث تتزعزع مشاعر الأمان لديهم، ويصبح الخوف رفيقًا يوميًا يرافقهم في فصولهم الدراسية. البيئة التعليمية السليمة تحتاج إلى مناخ يسوده الاحترام والتعاون، ولكن عندما يصبح العنف حاضرًا، تتراجع قدرة الطلاب على التركيز، وينخفض مستوى تحصيلهم الأكاديمي، وتبدأ العلاقات الاجتماعية بينهم بالتدهور، مما يخلق فجوة واسعة بينهم وبين المعلمين أيضًا.
التعامل مع هذه الظواهر يجب أن يكون على عدة مستويات، تبدأ من الأسرة التي ينبغي عليها أن تغرس في الأطفال مبادئ الحوار والتسامح، وتجنب استخدام العنف كوسيلة للتربية. يجب أن تعزز المدارس دورها التربوي، فلا يقتصر دورها على التعليم الأكاديمي، بل يمتد ليشمل بناء شخصية الطلاب، وتعليمهم كيفية إدارة الخلافات بأساليب غير عنيفة. من الضروري أن يكون هناك تواصل فعال بين المدرسة وأولياء الأمور، بحيث يتم رصد أي سلوك عدواني في مراحله المبكرة والتدخل قبل أن يتطور إلى أفعال مأساوية.
وجود برامج دعم نفسي داخل المدارس أصبح حاجة ملحة، بحيث يتم تقديم المساندة للأطفال الذين يعانون من مشكلات نفسية قد تدفعهم إلى ممارسة العنف أو التعرض له. كما يجب أن تتبنى المدارس سياسات واضحة وصارمة في التعامل مع مثل هذه السلوكيات، بحيث يدرك الطلاب أن العنف له عواقب حقيقية لا يمكن التهاون معها.
المجتمع ككل يتحمل مسؤولية حماية الأطفال من الوقوع في دوامة العنف، فالتوعية المستمرة، سواء من خلال وسائل الإعلام أو المبادرات المجتمعية، تلعب دورًا هامًا في الحد من هذه الظاهرة. تعزيز ثقافة التسامح والحوار يجب أن يكون هدفًا أساسيًا، حتى لا يتكرر مثل هذا المشهد المؤلم الذي شهدته مدرسة الرصيفة. مستقبل الطلاب لا يجب أن يُحرق بنيران العنف، بل يجب أن يُنير بنور المعرفة والأمان .

مدار الساعة ـ