فِي ظَلَّ التَّحَدِّيَات الْاِقْتِصَادِيَّة الْمُتَزَايِدَة وَاِرْتِفَاع مُعَدَّلَات الْبِطَالَة بَيْنَ الشَّبَاب الْأُرْدُنِيّ يَظْهَر التَّعْلِيم الْمِهْنِيّ كَمَسَار استراتيجي يُعَزِّز مِنْ قُدْرَة الشَّبَاب عَلَى مُوَاجَهَة تَحَدِّيَات سُوق الْعَمَل، إذ يَعْتَمِد التَّعْلِيم الْمِهْنِيّ عَلَى تَزْوِيد الْأَفْرَاد بِالْمَهَارَات التِّقْنِيَّة وَالْعَمَلِيَّة الَّتِي يحتاجها الْاِقْتِصَاد مِمَّا يُسَاهِم فِي تَقْليص الْفَجْوَة بَيْنَ مُخْرِجَات النِّظَام التَّعْلِيمِيِّ التَّقْليدِيِّ وَمُتَطَلِّبَات الْقِطَاعَات الصِّنَاعِيَّة وَالتِّجَارِيَّة وَالْخِدْمِيَّة، وهَذَا النَّوْع مِنَ التَّعْلِيم لَا يَقْتَصِر فَقَطْ عَلَى تَلْبيَة اِحْتِيَاجَات الشَّرِكَات وَالْمُؤَسَّسَات بَلْ ويُسْهِم فِي تَعْزِيزِ اِسْتِقْلَالِيَّة الْأَفْرَاد مِنْ خِلَالَ تَمْكِينهمْ مِنْ إِطْلَاق مَشَارِيعهمْ الْخَاصَّة أَوْ الْاِنْخِرَاط بِكَفَاءة فِي قِطَاعَات الْعَمَل الْمُخْتَلِفَة.

أبو قوطة يكتب: التَّعْلِيم الْمِهْنِيّ..مَسَارٌ استراتيجيٌ يُعَزِّز مِنْ قُدْرَة الشَّبَاب عَلَى مُوَاجَهَة تَحَدِّيَات سُوق الْعَمَل
د. شوقي أبوقوطة
أبو قوطة يكتب: التَّعْلِيم الْمِهْنِيّ..مَسَارٌ استراتيجيٌ يُعَزِّز مِنْ قُدْرَة الشَّبَاب عَلَى مُوَاجَهَة تَحَدِّيَات سُوق الْعَمَل
مدار الساعة ـ
رَغَّم ذَلِكَ تُوَاجِه مَسِيرَة التَّعْلِيم الْمِهْنِيّ فِي الأردن تَحَدِّيَات بَارِزَة يَأْتِي فِي مُقَدَّمَتهَا الصُّورَة النَّمَطِيَّة السَّلْبِيَّة الَّتِي تَصِفهُ بِأَنَّهُ أَقَلّ شَأْنا مُقَارَنَة بِالتَّعْلِيم الْأكَادِيمِيّ، هَذِهِ الصُّورَة تُضْعِف مِنَ اِهْتِمَام الشَّبَاب وَأَسْرهمْ بِهَذَا الْمَجَال وَتُقَلِّل مِنَ اِنْخِرَاطهمْ فِيهُ رَغْم الْفُرَص الْكَبِيرَة الَّتِي يَمّكُنَّ أَنْ يُوَفِّرهَا، إِلَى جَانِب ذَلِكَ تُعَانِي الْمَنَاهِج الدِّرَاسِيَّة مِنْ فَجْوَة وَاضِحَة مُقَارَنَة بِمُتَطَلِّبَات سُوق الْعَمَل الْمُتَغَيِّرَة حَيْثُ تَفْتَقِر بَعْض الْبَرَامِج إِلَى التَّحْدِيث اللَّازِم لِمُوَاكَبَة التَّطَوُّرَات التِّكْنُولُوجِيَّةِ ضِعْف الْوَعْي الْمُجْتَمَعِيِّ بِدَوْر التَّعْلِيم الْمِهْنِيّ كَعَامِل مِحْوَرِيِّ فِي التَّنْمِيَة الْاِقْتِصَادِيَّة وَالْاِجْتِمَاعِيَّة يَزِيد مِنْ صُعُوبَة تَعْزِيزِ هَذَا النَّوْع مِنَ التَّعْلِيم إِذْ لَا يُدْرِك الْكَثِيرُونَ مُدَى أهَمِّيَّة التَّخَصُّصَات الْمِهْنِيَّة فِي دُعُم الْاِقْتِصَاد الْوَطَنِيّ.
عَلَى الرَّغْم مِنْ هَذِهِ التَّحَدِّيَات تَسْعَى مُؤَسَّسَات عَدِيدَة إِلَى تَطْوِير التَّعْلِيم الْمِهْنِيّ وَتَعْزِيزِ جَاذِبِيَّته بَيْنَ الشَّبَاب الْأُرْدُنِيّ حَيْثُ تُعَد مُؤَسَّسَة التَّدْرِيب الْمِهْنِي مِنْ أَبْرَز الْجِهَات الْفَاعِلَة فِي هَذَا الْمَجَال حَيْثُ تَعْمَل عَلَى تأهيل الشَّبَاب بِبَرَامِج تُرَكِّز عَلَى اِكْتِسَاب الْمَهَارَات الْمَطْلُوبَة، وَكَذَلِكَ تَمّ إِنْشَاء كُلِّيَّة التَّدْرِيب الْمِهْنِيّ الْمُتَقَدِّم كَجِهَة غَيْر رِبْحِيَّة تَهْدُف إِلَى تَقْديم تَعْلِيم عَصْري يُوَاكِب التَّطَوُّرَات الصِّنَاعِيَّة مِمَّا يَضَع نَمُوذَجا عَمَليا لِتَحْسِين الْقِطَاع، وَلتَعْزِيزِ التَّعْلِيم الْمِهْنِيّ وَضَمَان تَحْقِيق أَهْدَافه يَجِب عَلَى الْحُكُومَة وَالْجِهَات الْمَعْنِيَّة الْعَمَل عَلَى عِدَّة مُحَاوِر أَسَاسِيَّة، أَوْلا يَنْبَغِي إِطْلَاق حَمْلَات إعْلَاَمِيَّة تُغَيِّر النَّظَرَة النَّمَطِيَّة وَتُبْرِز الدَّوْر الْمِحْوَرِيُّ للتَّعْلِيم الْمِهْنِيّ فِي بِنَاء مُسْتَقْبَل اِقْتِصَادِيّ مُسْتَدَامٍ ثَانِيا يَجِب تَحْدِيث الْمَنَاهِج بِشَكْل دَوْري لِتَشْمَل أَحَدَث الْمَهَارَات التِّقْنِيَّة وَالتِّكْنُولُوجِيَّةُ الْمَطْلُوبَة بِالتَّعَاوُن مَعَ خُبَرَاء الصِّنَاعَة ثَالِثا تَعْزِيزَ التَّعَاوُن مَعَ الْقِطَاع الخاص والذي يُعِد ضَرُورَة لِضَمَان حُصُولِ الطُّلَاَّب عَلَى تَدْرِيب عَمَلي يَعْكِس وَاقِع سُوق الْعَمَل، أَخِيرا تَقْديم حَوَافِز مِثْلُ الْمِنَح الدِّرَاسِيَّة وَفُرَص التَّدْرِيب الْمُمَوِّلَة التي من شأنها أَنْ تُشَجِّع الشَّبَاب عَلَى اِخْتِيَار التَّعْلِيم الْمِهْنِيّ كَمُسْتَقْبَل وَظِيفِيِّ وَاعِد، إِنَّ التَّعْلِيم الْمِهْنِيّ لَيْسَ مُجَرَّد بَدِيل عَنِ التَّعْلِيم الْأكَادِيمِيّ بَلْ هُوَ أدَاة أَسَاسِيَّة تَفَتُّح آفاقًا وَاسِعَة لِلشَّبَاب الْأُرْدُنِيّ مِنْ خِلَالَ الْاِسْتِثْمَار فِي هَذَا الْقِطَاع ويُمْكِن لِلْأُرْدُن تَحْقِيق نَهْضَة اِقْتِصَادِيَّة وَاِجْتِمَاعِيَّة قَائِمَة عَلَى الْكِفَاءَات الْمَحَلِّيَّة الشَّبَاب الْأُردُنِيّ لَدَيْهُمْ الْقُدْرَة عَلَى التَّحَوُّل إِلَى مُحَرِّك رَئِيسِيِّ لِلتَّنْمِيَة الْوَطَنِيَّة إذاً مَا أُتِيحَت لِهُمْ الْفُرْصَة لِلْحُصُولِ عَلَى التَّعْلِيم الْمِهْنِيّ الَّذِي يَتَمَاشَى مَعَ اِحْتِيَاجَات الْمُسْتَقْبَل .